لا لخصخصة الإله 01 / 12 / 2005
الله جل جلاله هو الرب المعبود, وهو خالق الخلق, هو اله العرب والعجم, والابل والنعم, ديان الدين رب العالمين. الله ربٌ واحدٌ لا شريك له. الله ربُ الاقطاعي والفلاح , وربُ الرأسمالي والبروليتاري, ربُ السيد والعبد, ربُ الحاكم والمحكوم , ربُ الظالم والمظلوم, ربُ العالم والجاهل, ربُ المؤمن والملحد, ربُ الذكر والانثى.
الله ربُ الشاذ والسوي, ربُ الاوربي والعربي, ربُ المسلم والمسيحي, ربُ اليهودي والسيخي, ربُ البوذي والهندوسي, , ربُ السني والشعي , ربُ عمر وعلي.
الله ربُ الاسلامي والعلماني , ربُ الاشتراكي والليبرالي, ربُ الاتوقراطي والديمقراطي, ربُ الراديكالي والتقدمي , ربُ الديماغوجي والبراغماتي, ربُ الطوباوي والواقعي.
الله ربنا جميعا , آمنا به او لم نؤمن, كفرنا به او لم نكفر , جحدناه او شكرناه, نسيناه او ذكرناه, اطعناه او عصيناه, عبدناه او تولينا, أيقناه او انكرناه. شتمناه او دعوناه , خشيناه او تحديناه. يبقى هو ربنا وخالقنا ومبدعنا ورازقنا جميعا.
فنحن جميعا عياله وخلفائه في الارض ( واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة) فالانسان وكما يسميه الفلاسفة طبيعي الانسان هو خليفة الله في ارضه, سواء كان ابيضا ام اسودا, جميلا ام قبيحا, طويلا ام قصيرا, غنيا ام فقيرا, ابن اقطاعية دينية او (معيدي), ابن زعيم ديني اصفهاني او ابن (شروكي), ابن برمكي او ابن ترابي, ابن آية الله فلان او ابن (حجي) علان. الجميع في نظر الله سواسية كأسنان المشط. فالله لهم جميعا ومعهم في هذه الدنيا الفانية جميعا. يرزق المتكبرين البرجوازيين ويرزق المحرومين المستضعفين , يرزق الموحدين ويرزق المشركين(كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورا).
الله ربُ الجعفري وعلاوي وربُ الحكيم والجلبي وربُ الضاري والطلباني وربُ الصدر والبرزاني وربُ السيستاني و المدرسي والالوسي ورب ُاليعقوبي والكفائي. الله ربُ الناخب واللامنتخب, ربُ المشارك والمقاطع , ربُ القابل والرافض, ربُ الناخب والمنتخب.
الله ربُ القائمة الشيعية ورب القائمة السنية. ربُ القائمة العربية وربُ القائمة الكردية, ربُ القائمة الاسلامية وربُ القائمة المسيحية. ربُ القائمة الليبرالية وربُ القائمة الثيوقراطية. ربُ القائمة المدنية وربُ القائمة الدينية.
الله ربُ قائمة الاقطاعيات الدينية وهو ذاته ربُ قائمة الطبقات الدونية. الله ربُ قائمة المعممين وهو عينه ربُ قائمة الحاسرين. الله ربُ قائمة المتكرشين وهو نفسه ربُ قائمة الخاوين. الله ربُ قائمة المتخمين مثلما هو ربُ قائمة الجائعين.
اذا ً الله هو هو, واحد هنا وهناك, لايميز بين قائمة معمم او قائمة افندي, ولا يدعم قائمة ملتحي او قائمة امرد, ولا يبارك قائمة زيد او عمر, ولا يناصر قائمة مؤمن ولايعادي قائمة ملحد, ولا ينزل الملائكة على قائمة السيد ولا يسلط الشياطين على قائمة الشيخ. فاذا كان الله كذلك وهو كذلك ربُ جميع العراقيين الاصلاء منهم والمستعرقين, العرب منهم والمستعربين, الكرد منهم والتركمانيين, الكلدان منهم والاشوريين, الصابئة منهم والأزديين.
فلماذا الاستقواء بالله في العملية الانتخابية؟ ولماذا الزج به في قضية لا دخل له فيها سبحانه وتعالى من قريب او بعيد؟ ولماذا هذا الاستقتال لخصخصة الرحمة الالهية والعدالة الربانية وقصرها على قائمة بذاتها والايحاء للناخبين بأنها _اي القائمة_ مؤيدة ومسددة من السماء.
مادخل الله اذا ما قرر الناخب ان ينتخب هذه القائمة او تلك؟ ولماذا يصر البعض على زج الدين في السياسة؟ لماذا يحاول البعض الاستقواء بالفتاوى وزج المرجعية في قضية اعلنت انها تقف محايدة فيها ؟ ان محاولة تأصيل هذه الاسالبيب المفلسة في الحياة السياسية العراقية الجديدة كمحاولة اعادة تاهيل البعثيين والصداميين من جديد تحت يافطة التوافق الوطني مثلما حاول مؤتمر القاهرة فعله اخيرا.
دعوا الله وشأنه فهو مع الصادقيين وهو القائل ( كونوا مع الصادقيين) وهو مع الذين يوفون بوعودهم (وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) وهو ضد الذين يقولون ما لايفعلون( يآيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون) والحمد لله الذي منح الجميع الفرصة في الايام التي مضت ليدل كلٌّ حزب بدلوه ويعرض كلّ فريق بضاعته، مزجاة وغير مزجاة، واصوات الناخبين هي من سيوفي الكيل، وعند ذلك سيكون لسان حال بعض اصحاب القوائم الانتخابية التي تدعي انها ظل الله في الارض وانها باب حطة الذي يؤتى منه وأنها المتحدث الشرعي بأسم السماء كحال لسان اخوة يوسف (قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ ) وقد بان للعراقين من تجربة الانتخابات السابقة الخيط الابيض من الخيط الاسود وعرف كل اناس مشربهم.
دعوا الله وشانه ولا تزجوا به في امر هو يبرء منه. فالله ليس بناخب كما انه ليس بمنتخب وليس له ممثلين في القوائم الانتخابية حتى نزعم ان هذه القائمة لا تلك هي قائمة الله ، وباختصار شديد الله مع كل من يسعى الى تعمير البلاد وانصاف العباد ونصرة المحرومين وأغاثة الملهوفين ومحاسبة المقصرين والمحافظة على المال العام واحترام كرامة الآدميين وتوزيع الثروات بالعدل على المواطنين وانصاف ضحايا الديكتاتورية المنسيين من ابناء الجنوب وأبناء المقابر الجماعية المسحوقين ونبذ المحسوبية الحزبية او الطائفية او العرقية وبناء دولة الدستور والقانون.
فأنظروا اي القوائم تسعى لذلك وتمتلك البرنامج الانتخابي القادر على تحقيق ذلك فانها قائمة عباد الله المستضعفين المحرومين الذين سئموا من الشعارات الطنانة والعبارات الانشائية الرنانة والذين شبعوا وعودا ً دونما تنفيذ والعاقبة للمتدبرين.