أعلن النائب بهاء الأعرجي، رئيس لجنة النزاهة النيابية، أن محكمة في بغداد قد حكمت على رئيس هيئة دعاوى الملكية وعضو مجلس الحكم السابقين، أحمد شياع البراك، بالسجن لثلاث سنوات وهو الآن في السجن منذ أسبوعين تقريبا. وعلمت الطيف أن الحكم لم يكتسب الدرجة القطعية بعد وأن السيد البراك قد طلب تمييز الحكم وأن محكمة التمييز سوف تنظر به خلال الأيام المقبلة كي تتأكد إن كان فعلا مطابقا للقانون وليس بدوافع شخصية أو سياسية وإن كان يتناسب مع المخالفة القانونية المعنية.
وبالنظر لكون البراك شخصية عامة معروفة، كونه أحد واضعي أسس النظام الجديد إذ أصبح عضوا في مجلس الحكم السابق ثم المجلس الوطني السابق وشارك في صياغة قانون إدارة الدولة الذي أسس للانتخابات الأولى والثانية ثم أسس حركة سياسية وقادها في ثلاثة انتخابات عامة وواحدة محلية، وكونه من عائلة ثرية معروفة في الحلة وهو شخصيا رجل قانون ولم يعرف عنه أنه تجاوز في السابق على المال العام أو القانون، ولكون هذه القضية تهم الشارع العراقي، فقد تقصت الطيف حيثيات القضية التي أدانته بها المحكمة واتضح أنها تتعلق بموافقة البراك على صرف مبلغ 140 مليون دينار عراقي لتغطية نفقات زفاف جماعي لمئة وثلاثين زوجا وزوجة عام 2008 وكان ذلك بالاشتراك مع بلدية قاطع الكرادة.
وقد حكمت المحكمة بأن السيد البراك قد تجاوز صلاحياته في الصرف على النشاطات الاجتماعية بمبلغ 90 مليون دينار، مما يعني أن المحكمة لم تعترض في الأساس على اشتراك هيئة دعاوى الملكية في هذا النشاط، باعتبار أنها سمحت بإنفاقها 50 مليون دينار. والمعروف أن الكثير من مؤسسات الدولة ووزاراتها، مثل وزارة الشباب والرياضة، قد نظمت مثل هذه النشاطات وأنفقت عليها من المال العام وأقامت لها الاحتفالات بتشجيع من الحكومة لأنها تعد تواصلا مع الشعب.
تساؤلات مشروعة
وفي ضوء هذا الحكم على السيد البراك والذي يعتبره قانونيون قاسيا جدا، يطرح كثيرون التساؤلات التالية:
-هل تستحق مثل هذه المخالفة، سواء كانت مقصودة أم حصلت بحسن نية، مثل هذا الحكم القاسي؟ خصوصا وأن المبلغ المذكور قد أنفق على مواطنين عراقيين فقراء لا يستطيعون تحمل نفقات الزواج المكْلِفة ووفقا لتوجيهات الحكومة؟
-وهل يجوز أن يعامل مسئول كبير عرف بالنزاهة والاستقامة وهو أحد واضعي أسس العراق الجديد بهذه القسوة ويهان بهذه الطريقة؟
-ولماذا تسارع السلطات إلى وضع السيد البراك في المعتقل قبل تمييز الحكم، خصوصا وأنه لم يحاول الهرب كما فعل آخرون، أو التهرب من مواجهة القضاء منذ إقامة الدعوى عليه قبل أكثر من عامين؟
-ولماذا يتأخر تمييز الحكم كل هذه الفترة، كي يبقى البراك سجينا، في وقت تحسم قضايا كبيرة خلال ساعات؟
-ولماذا يستهدف البراك بهذا الأمر بينما لم يعاقب مسئولون آخرون ومؤسسات حكومية أخرى أنفقت مبالغ طائلة على نشاطات مماثلة؟
-والتساؤل الأخير هو هل من المعقول أن تبرئ المحاكم العراقية النائب السابق مشعان الجبوري الذي أدين بقضايا إرهاب معروفة مثل تفجير أنابيب النفط، وأعلن تعاطفه مع رئيس النظام السابق يوم اعدامه وقرأ له الفاتحة من على قناة الجزيرة في برنامج الاتجاه المعاكس، وكانت قناته الفضائية تشرح على الهواء كيفية تصنيع المتفجرات، في وقت يحكم شخص بالسجن ثلاث سنوات من أجل مبلغ 90 مليون دينار (77 ألف دولار تقريبا) أنفقه على الفقراء وسوف يعيده إلى خزينة الدولة بحسب قرار المحكمة؟
تساؤلات مشروعة وهي بحاجة إلى أجوبة من صناع القرار ومن القضاء العراقي الذي بدأ المواطنون العراقيون وغيرهم يشككون بعدالته وسلامة إجراءاته.
قضية زفاف جماعي تحيل البراك الى المحكمة