بالرغم من كثرة ما كتب حول الفروق والاختلافات بين الجنسين من النواحي البايولوجية والاجتماعية والنفسية ، فان من الصعب الوصول الى نتائج ثابتة ويقينية .واذا كانت الاختلافات البايولوجية اكثر بروزا ، فان الاختلافات الاجتماعية والنفسية ما زالت موضع نقاش لم ينتهي بعد. وكان هناك من يفترض، حتى وقت قريب، ان الاختلافات النفسية رئيسية وهي ناتجة عن التكوين البايولوجي ، وبالتالي فان بعض القابليات العقلية لا يمكن للمرأة امتلاكها . ولم تتغير هذه الاراء الا منذ فترة قصيرة نسبيا . ومع ان دماغ المرأة اصغر حجما من دماغ الرجل، الا انه قادر على اكتساب القابليات مثل الرجل ، وان النساء يمكن ان يقمن بكثير مما يقوم به الرجل وعلى قدم المساواة معهم.
وكان هكسلي وهادن اكدا بان هناك فروق بين الجنسين من الناحية البايولوجية والنفسية ولكن الاختلافات البايولوجية اكثر بروزا من غيرها ، غير ان هذه الاختلافات لا تخبرنا الا عن القليل عن النواحي الاجتماعية والنفسية ، كما ان هذه الاختلافات لا تعني الكثير الا عندما يتم تفسيرها وفق معايير وتوقعات ثقافية معينة. لذا علينا ان نبحث عن الاجوبة عند علماء الاجتماع وعلماء النفس والانثروبولوجيا، الذين يؤكدون على ان النشاط الانساني عموما لا تنظمه البايولوجيا مباشرة، وانما هو نتيجة لتفاعل الميول البايولوجية مع المعطيات الثقافية. كما دلت الدراسات البايولوجية حول السلوك البشري التي اجريت على الجنسين، على ان البايولوجيا تقيد سلوك الجنسين ولكنها لا تحدده تماما ، وان الاختلافات البايولوجية انما تعكس التفاعلات بين تركيبنا الجسدي وبين نماذج حياتنا الاجتماعية والثقافية.
كما اكدت الدراسات الانثروبولوجية الحديثة حول منشأ الادوار عند الجنسين وتوزيعها بينهم ، على ان الحيوانات العليا ، وفي مقدمتها الانسان، تختلف في سلوكها من نوع الى آخر وتتراوح بين اساليب السيطرة وبين العلاقات المتساوية نسبيا والتي ترتبط بالبيئة والمحيط الاجتماعي الذي يحدد الميول المسلكية المتميزة عند الذكور والاناث.
لقد ذكر الكسيس كارل عام 1935 بانه يجب الا نعطي الفتيات نفس الثقافة ونفس الاسلوب في الحياة ونفس المثل الاعلى الذي يعطى للصبيان ، وان على المربين ان يأخذوا بنظر الاعتبار جملة الاختلافات العضوية والنفسية بين الذكر والانثى ودورهما الطبيعي، وان ندخل هذا في حسابنا عند بناء العالم المتمدن .
غير ان هكسلي وهادن كانا على العكس من هذا الرأي ، حيث اكدا ، بان الفروق الظاهرة بين الجنسين انما تنشأ وبالدرجة الاولى عن التربية والثقافة ، وان النظرة الى المرأة كانت قد ارتبطت منذ فجر الحضارة الانسانية بالنزعة الابوية البطريركية . وبدون شك هناك اختلافات بايولوجية بين الجنسين ، فالمرأة قبل كل شيء هي الأم الاصل، لانها وعاء الحياة، فهي تحمل وتلد وترضع وتربي . وهذه الحقيقة البايولوجية تنعكس بشكل او آخر على حياة الجنسين الرجل والمرأة وعلى حياة الاطفال وتربيتهم وعلى الحياة الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والثقافية عموما . كما تقرر هذه الحقيقة ايضا ان الجنسين مختلفين من ناحية التنظيم التناسلي والخصائص الهرمونية وحجم الجسم والطاقة الجسدية. فالرجل بشكل عام هو اقوى من المرأة ، ولكن ما هو متعارف عليه خاضع دوما لاعتبارات اجتماعية وثقافية، لان علماء البايولوجيا لم يستطيعوا لحد الآن، بل وانهم عاجزون عن توضيح الاسباب التي تجعل من قوة الرجل ونشاطه موضعا للتقدير والاحترام، في اغلب الحضارات في العالم اليوم.
والواقع ان معظم هذه الاختلافات لا تخبرنا الا عن القليل عن النواحي الاجتماعية التي نعيشها ، وان الاختلافات البايولوجية لا تعني لنا شيئا الا عندما يتم تفسيرها طبقا لمعايير وقيم وتوقعات ثقافية معينة يعيشها الانسان . لذا علينا ان نبحث عن اجوبة لهذه التساؤلات عند علماء الاجتماع والانثروبولوجيا الذين باستطاعتهم ان يجيبوا عليها.
يعتقد علماء الاجتماع والانثروبولوجيا بان النشاط الانساني عموما وبخاصة العواطف والمشاعر لا تنظمها البايولوجيا مباشرة ، وانما هي نتيجة لتفاعل الميول البايولوجية مع المعطيات الثقافية ، وكذلك مع ما يساعد على تنسيق حياة الانسان وتطمين حاجاته وبناء نوعه ومحاولاته من اجل البقاء واستمراره في الحياة. ومن هنا فان الاختلافات البايولوجية بين الجنسين لا تعني بالضرورة وجود تطمينات اجتماعية وحضارية او سلوكية. كما دلت الدراسات والبحوث البايولوجية حول السلوك البشري التي اقيمت على الرجال والنساء والاطفال والبالغين من الجنسين وكذلك على الشواذ جنسيا، على ان البايولوجيا تقيد سلوك الجنسين ولكنها لا تحدده تماما ، وان الاختلافات بين الجنسين انما تعكس تفاعلات بين تركيبنا الجسدي وبين نماذج حياتنا الاجتماعتية وسلوكنا. وقد دلت الدراسات العلمية الحديثة التي بحثت في منشأ الادوار عند الجنسين ، بان الحيوانات العليا ، وفي مقدمتها الانسان ، تختلف في سلوكها من نوع الى آخر ومن فصيلة الى اخرى ، وتتراوح بين اساليب السيطرة وبين العلاقات المتساوية نسبيا والتي ترتبط بالبيئة . فالبيئة هي المسؤولة عن نوعية هذه العلاقات الى حد كبير . وبكلمات اخرى ، يبدو ان الحيوانات الرئيسية ، كالبشر ، مهما كانت الحتميات البايولوجية لسلوكها ، فهي تتمتع بقدرات مثيرة للاعجاب في تبني اشكال جديدة من العلاقات الاجتماعية .
وفيما يتعلق بالهرمونات الجنسية لدى البشر هناك امران هامان ، الاول هو ان الاختلافات المسلكية المتعلقة بالجنس ذات طبيعة عددية وليست نوعية ، وثانيا ان مستويات الهرمونات ، التي يفترض انها تتحكم بالسلوك تتأثر بدرجة كبيرة بالتغيرات التي تطرأ على البيئة الاجتماعية . وقد بينت اختبارات ماكوبي وجاكلين السايكولوجية ، بان العديد من الذكور يسلك ” كالاناث” ، وكذلك وجود مقاييس مختلفة التنوع للقدرات والاداءات بين افراد الجنس الواحد اكثر منه بين الجنسين . كما برهنت عدد من الدراسات بان البيئة المجهدة تسبب نقص في الهرمونات الجنسية ( التستو سييترون) وتوحي بان البيئة الاجتماعية والسلوك المستمد من المحيط يشجعان على ظهور الهرمونات وليس العكس. وهذا يدل على عدم وجود ميول مسلكية ثابتة ومتميزة بين الذكور والاناث من البشر . ولكن من المحتمل ان تؤثر الاساليب المختلفة في التصرف والتي تحددها الثقافة على الحياة الجسدية. فمثلا ان ربط القدمين في الصين قديما انتج نساء عاجزات تكوينا عن تحمل انواع معينة من الاعمال الجسدية.
والى جانب ذلك هناك دوافع اجتماعية تؤثر على التمييز بين الجنسين وفي مقدمتها ، ان قوة الرجل وحجمه اقتضيا ان يكون المسؤول في حالات الدفاع والهجوم وليس المرأة. فمن المعروف ان هناك بعض الفروق الجسمية ، غير التي تتصل بالخصائص الجنسية . فالرجال اعظم طولا واكثر وزنا من النساء 20 % ، بالرغم من ان النساء اكثر سمنة نسبيا. كما ان وزن دماغ المرأة المطلق والنسبي اصغر من وزن الرجل بالرغم من ان التركيب كبير بينهما . وتشير احدث الدراسات حول دماغ المرأة الى وجود اختلاف فيزيولوجي بين دماغ المرأة ودماغ الرجل وذلك باستخدام اساليب حديثة لدراسة فعالية الدماغ البشري لدى الجنسين اثناء النشاط والفعالية وقد وجد العلماء عند دراسة المناطق المسؤولة عن القراءة وتهجي الحروف في الدماغ لكل من الرجل والمرأة ، بان المرأة تفكر بطريقة مختلفة عن الرجل ، وان دماغ الرجل يستخدم في تحليل المعلومات منطقة محدودة من دماغه، وهي موجودة في النصف الدماغي الايسر، بينما دماغ النساء يقوم بتحليل الحروف المقروءة بواسطة منطقتين منفصلتين موجودتين في نصفي الدماغ الايسر والايمن لديهن.
وقد اكدت سالي سويتز المتخصصة في عالم السلوك البشري في جامعة بال الامريكية” انها المرة الاولى التي يستطيع فيها العلماء تحديد الفروق والوظيفة بين دماغ الرجل ودماغ المرأة، كما وجدت بان النساء قمن بأداء افضل من الرجال في التكلم والفصاحة، لكن الرجال اكثر قدرة على تحديد الاهداف المقصودة في الكلام. كما وجد العلماء بان قدرة الدماغ لدى النساء على الشفاء من السكتات الدماغية التي تصيب النصف الدماغي الايسر اكبر مما هي عليه لدى الرجال . كما اشارت سالي سويتز ، بان العمليات الفيزيولوجية في دماغ المرأة اكثر تعقيدا من تلك الموجودة لدى الرجل ، لكنها لم تقل بان دماغ المرأة افضل من دماغ الرجل.(6)
كما تعزز الدراسات العلمية الحديثة لتركيب دماغ المرأة ان الاختلاف بين دماغ المرأة ودماغ الرجل لا بعود الى التركيب الطبيعي للمرأة وانما الى تطبعها بسبب الظروف التي تعيشها في ظل الرجل طوال قرون عديدة . كما تعزو الدراسات الحديثة وجهات النظر التي تتردد الآن ، والتي تعتقد بان التركيب العقلي للمرأة اكثر انسجاما من الرجل وافضل تلائما مع عصر المعلمات.
ويعتقد البعض بان القفزات التعليمية التي حققتها المرأة خلال العقود الاخيرة في معظم ارجاء العالم ، ومنها الدول العربية دليل على ذلك ، فقد قفزت نسبة التعليم بين الاناث في العلم العربي خلال عقدين فقط 19 % الى 45% ن وفي بريطانيا حققت البنات نتائج افضل من الاولاد في المدارس ،( 46% مقابل 37 % للاولاد)،كما ظهر تفوق البنات ليس في المواضيع ” الانثوية ” التقليدية كاللغات والاداب ، بل تعداه الى المواضيع الرجالية ” كالرياضيات والفيزياء والعلو التكنولوجية.
واذا كان دماغ المراة اصغر من دماغ الرجل فان ذلك يعود الى حجم جسمها الصغير بالمقارنة مع حجم جسم الرجل ولا تأثير له في قدرتها العقلية . وقد أيدت ذلك اجهزة الرنين الغناطيسي والتصوير الشعاعي الطبقي التي احدثت ثورة في تصوير الدماغ اثناء عمله وكشفت حقائق مثيرة، منها ان كتلة الالياف العصبية التي تربط بين شقي الدماغ الايسر والايمن اكبر حجما لدى المرأة من الرجل ، كما ان العلاقة بين نصفي دماغها اكثر تداخلا.
ومن الاختلافات الواضحة بين الجنسين هي ان الفتيات يبلغن سن النضج بسرعة اكبر من الصبيان ، وبالتالي فأنهن يسبقن الصبيان في ذات العمر، في القامة والوزن، حتى سن المراهقة. كما ان نسبة الوفيات عند الرجال هي اعلى منها عند النساء.
اما الفروق التي من الممكن ان يكون لها معنى سايكولوجي فهي التي تتصل بسرعة النضج والتفوق على الصبيان في نمو الكلام بعمر ادنى، وسعة المفردات وبنية الجمل وعدد الاصوات المستخدمة، مع ان الدراسات التجريبية ما زالت لم تؤكد وجود مثل هذه الفروق، ما عدا ما يخص التفوق اللغوي عند البنات.
اما من ناحية القدرات الحسية فقد برهنت الدراسات الحديثة على تفوق النساء قليلا من ناحية التمييز بين الالوان في حين يتفوق الرجال في القابليات الحركية والميكانيكية ، مع ان هذه الفروق ما زالت غير ثابته ايضا. وبحسب مقاييس الذكاء العام فالبنات تتفوق على الاولاد تفوقا قليلا حتى سن الرابعة عشر ثم يعود التكافؤبينهما.
وتدل البحوث الميدانية على تفوق النساء فيما يتعلق بالقابليات الكلامية العددية والمكانية والميكانيكية ، كما تتفوق بعض البنات في مقاييس الذكاء فيما يخص التعلم والذاكرة والفهم الاجتماعي. وقد اجرى إلبورت وفرنون دراسة ميدانية حول القيم ، فحصلت البنات على درجات اكثر ارتفاعا في القيم الفنية والاجتماعية والدينية مقابل حصول الذكور على درجات اعلى في القيم الافتصادية والسياسية والنظرية بشكل عام.
والحال ان بعض الاجهزة التي تتميز بها المرأة عن الرجل وتطورها، كالجهاز التناسلي وجهاز انتاج اللبن وبعض الاجهزة الاضافية التي لا يمتلكها الرجل كالرحم وتعقد بعض اعضاء المرأة مثل الكلية وتفوقها في ابراز حامض اليريك ثم حمل بعض الامراض الوراثية دون اصابتها بها كالصلع والهيموفيليا ( استعداد وراثي للنزف الدموي) وتصلب الشرايين قبل سن اليأس وزيادة عدد الكريات الحمر في دمها، عن الرجل ، كل ذلك يدل على التفوق البايولوجي للمرأة على الرجل.
وتشير الدراسات والبحوث العلمية في علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي الى ان الرجال، عموما ، اكثر عدوانية وعنفا من النساء ، ليس بسبب العامل البايولوجي ، وانما بسبب العامل الاجتماعي والثقافي والسياسي، وخاصة النزعة الأبوية-البطريركية التي تدفع الى هيمنة الرجل وتسلطه على المرأة واخضاعها لسلطته الذكورية. ولكن الدراسات والبحوث الميدانية الحديثة تؤكد على ان الطاقات التي تمتلكها المرأة ليست اقل من الرجل اعتدائية او عدوانية. وقد قدمت عالمة الاجتماع الالمانية كرستيانة شميرل نتائج بحوثها الميدانية حول الاختلافات الاساسية بين الجنسين قائلة بان هذه الاختلافات لا يمكن تقريرها بدقة ، ولكن من الممكن القول بان النساء لهن ايضا القدرة على ممارسة العنف مثل الرجال . وقد لاحظت بان السلوك العدواني عند الذكور يبدأ في وقت مبكر ، وبصورة خاصة في فترة المراهقة، حيث يكون الذكور اكثر عدوانية من الاناث . وكلما يكبر الذكور والاناث كلما يصبحون متساويين تقريبا في اساليبهم العدوانية . والفارق الواضح بينهما هو ان الاناث ينضجن في وقت مبكر قبل الذكور ويتعلمن في وقت مبكر ويستخدمن عدوانيتهن في اساليب غير مباشرة، كالهجوم بالكلام ، في حين يكون الذكور اكثر شجارا وعراكا بالايدي والارجل من الاناث. ومن الملاحظ انه حين يتشاجر الاولاد فيما بينهم تقف البنات متفرجات ومعلقات بالكلام، وقد ينحزن الى جانب دون آخر ولا يهتممن بما يحدث وانما يسخرن من ذلك. وتصل شميرل الى القول بان الرجال هم المهاجمون رقم واحد . اما النساء فلهم ايضا ميل الى السلوك العدواني مثل الرجال ، ولكن عندما يكون العدوان موجها الى بنات جنسهن وذلك بسبب التعاطف والشعور بانهن ضحايا.
وتشير الدراسات الحضارية المقارنة ، ليس في العالم الغربي فحسب ، وانما في جميع انحاء العالم ، الى ان السلوك العدواني عند النساء ينتج عن بعض الظروف القاسية والضغوط الاجتماعية التي ترتبط بانماط من النساء وباسلوب حياتهن وصراعاتهن حول الامور المعيشية كالغذاء والنقود والملابس ومشاكل الاطفال والخلافات العائلية وبصورة خاصة الشجار مع الزوج . كما ان من مظاهر السلوك العدواني عند النساء ، بصورة خاصة في حالات الهجوم، انهن يستخدمن ايديهن كسلاح بالدرجة الاولى، وخاصة اثناء الشجار مع الزوج، مثلما يستخدمن اساليب كلامية ، كالسب والشتم لان الكلام هو سلاح المرأة الضعيفة في اغلب الاحيان ، او الامتناع عن الاكل او النوم معهم . وتخلص شميرل، الى ان الفروق في الميل الى العدوان بين النساء والرجال هو اقل من العدوان بين افراد مجتمع واحد ، او بين مجتمعات مختلفة. وكلما كانت النزعة العدوانية عند النساء قوية في مجتمع ما ، كلما كانت النزعة العدوانية عن الرجل اقوى.
والحال ان هذه الاختلافات تقودنا الى نتيجة، هي ان السلوك العدواني عند النساء يعبر عن نفسه بشكل آخر ،وكرد فعل على الفشل والاحباط الذي لا يعتبر عملا عدوانيا. كما لو انهن يتقبلن حالة الازعاج، مع ان لها عواقب وخيمة ومتاعب لاحقة.وعندما تقع النساء تحت ضغط ما ، فانهن ينفجرن بالصراخ والعويل وضرب الابواب او رمي ما في ايديهن من اشياء على الارض. وليس من النادر ان تحدث ” لحظات خاطئة” عندما تخجل النساء من فقدان السيطرة على النفس او حين يهون عليهن ويعتبروهن ضعيفات بلا حول ولا قوة وتحت مقولة : “كم انت جميلة حين تكونين غاضبة!”
ان آلية الجهد العدواني الانثوي غير محدد ، كما تقول شميرل ، فالنساء يرفضن اكثر من غيرهم هذا السلوك ، وان يكون صمام امان عند حدوث متاعب كثيرة. وهذا يعني بالنسبة للنساء عدم اراقة ماء الوجه ، بعكس الرجال.
اما عالمة المفس آنا كمبل فقد أنجزت عدة دراسات وبحوث ميدانية ، خلال العقدين الآخريين حول سلوك مجموعات من الرجال والنساء البيض في الولايات المتحدة الامريكية ، الذين قاموا باعمال عنف غير قانونية ولا اخلاقية ، وتوصلت الى وجود اختلافات نوعية من السلوك العدواني بين الجنسين، وكذلك وجود اختلافات في الحكم على السلوك العدواني بين الرجال والنساء ، فالنساء يعتبرن السلوك العدواني هو فقدان السيطرة على النفس مؤقتا ، والذي ينتج عن ضغوطات نفسية ومشاكل اجتماعية واقتصادية قاهرة ، ولكن غالبا ما يتبعه شعور بالندم والذنب ، في حين يعتبرن ممارسة العدوان من قبل الرجال بمثابة وسيلة للسيطرة على انسان آخر عندما يجدون انفسهم بحاجة الى ذلك ، وكذلك من اجل القوة والشعور بالقيمة والاهمية الذاتية . واذا كان الميل الى العدوان يعني عند النساء الاخفاق في السيطرة على الذات فهو عند الرجال يعني السيطرة على الآخر بالقوة.
وتعتقد سابينه انسولد ، بان الرجال هم الذين شنوا الحروب وقاموا باستخدام القوة والعنف على مدى التاريخ. وحسب احصائيات دوائر المرور في اغلب دول العالم ، فانهم عموما يقومون باغلب حوادث المرور ويستخدمون اساليب عدوانية في قيادة السيارات.
والواقع ليس من الضروري الرجوع الى الاحصائيات العلمية حيث تكفي نظرة واحدة الى سلوك التلاميذ في فرص الاستراحة بين الدروس في المدارس لتؤكد لنا ان العنف هو عمل رجالي واذا حدث ان قامت النساء بعمل عدواني علنا فانه غالبا ما يكون عنف فضيع وبدوافع عديدة في مقدمتها المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية وبخاصة الخلافات الزوجية ، او هو سلوك خليط من الخوف ممزوج باعتدائية نسوية ترتفع احيانا حنى تصل الى حالة التلذلذ بايذاء الرجل/ الزوج في اغلب الاحيان.
المصادر :
ابراهيم الحيدري، النظام الأبوي واشكالية الجنس عند العرب، دار الساقي، بيروت 2003 -1
2 – Otto Klineberg, Social Psychology, New york1962
3 – A. Karrel, Man, The Unknnown, 1935
4 – sabine Etzold, Auch Frauen sind zu allen faehig, Berlin 2001
5 – M. Rosaldo and L. Lamphere, Women,Culture and Society, california,1974