كثيرون منا كانوا شعروا منذ البداية إن التنظيم الإرهابي (داعش) لايمتلك مقومات البقاء بل يحتضن بين جنباته مقومات الهلاك والزوال… نجاحه في السيطرة على مناطق معينة من العراق وسوريا هو حالة شاذة مثلها مثل أي حالة مرضية عابرة تنتهي بعد ان تتغلب عليها مناعة الجسد الحي وجسد العراق حي قوي رغم اعتلاله حاليا.
داعش خرج من سنجار مدحورا في يوم واحد على أيدي مقاتلي البيشمركة الأبطال وسوف يخرج من كل بقعة عراقية أو سورية أو يمنية أو ليبية لأن وجوده منافٍ للحياة والطبيعة البشرية… وجود داعش يقوم على الإرهاب والتخويف والقتل والتعسف وهذه مقومات الهلاك لا الحياة… قبل أيام أقدم التنظيم على إعدام مئة شاب ممن جاءوا من أصقاع الأرض المختلفة وتطوعوا للقتال في صفوفه عندما قرروا العودة إلى بلدانهم الأصلية بعدما اكتشفوا بأنفسهم حقيقته الإجرامية التي كانت غائبة عنهم. لقد خُدِع الكثير من الشباب المسلمين وقيل لهم إن هذه هي (الدولة الإسلامية)التي تستحق أن يدافعوا عنها لكنهم اكتشفوا إن هذه (الدولة) لا علاقة لها بالإسلام من قريب أو بعيد بل لا علاقة لها بأي منطق يمت لقيم العدالة والأخلاق بصلة.
الشعوب دائما تطور وسائل للدفاع ضد الاخطار المحدقة بها، وخطر داعش جديد على العراقيين، فلم نألف هذه البشاعة وهذه الجرائم التي لا يوجد لها توصيف سوى حالة المرض الشديدة التي أصيب بها أعضاء هذا التنظيم الدموي ومنظِّروه ومفتوه والجهات الداعمة له، وإلا بأي دين أو عرف أو قانون أو منطق يُقتل الناس دون سبب ويهجرون بشكل جماعي وتُسبى نساؤهم وتُباع في الاسواق وكأن البشرية تعود في القرن الحادي والعشرين إلى ممارسات كانت مرفوضة ومنبوذة في عصور ما قبل التأريخ.
لقد اكتشف العراقيون، ولو بعد حين، أن التفكك والخلاف والعداء غير المبرر وغير الضروري التي ألمت بهم خلال السنوات الماضية لا يمكن أن تؤدي إلى نتيجة لصالحهم خصوصا وأن هناك من يتربص بهم الدوائر ويريد بهم شرا، كما أدركوا أن من الضروري الاتفاق على مبادئ محددة تكون قاسما مشتركا بينهم ولا يتنازل عنها أحد وأول هذه المبادئ هو احترام الآخر والقبول به كما هو، شريطة أن يعترف هو أيضا بالمقابل وحقه في الاختلاف والعيش وفق مبادئه وثقافته ومعتقداته على أن يتمسك الجميع بالقانون وحق الجميع في العيش الكريم بسلام وكرامة
هناك الآن إجماع، ليس عراقيا فحسب بل عالميا، على خطر الإرهاب الذي يمثله بالدرجة الاساس “تنظيم الدولة“ الإرهابي الذي أصبح الخليفة (الطبيعي) لتنظيم القاعدة الذي أفل (نجمه) بعد أن طوقته الإرادة الإنسانية العالمية فما كان من زعيمه (الدكتور) أيمن الظواهري إلا أن يعلن أخيرا أنه افتتح فرعا لتنظيمه المتهرئ في شبه القارة الهندية!!!ولا ندري ماذا سيفعل هذا (الفرع) في القارة الهندية المسالمة التي يتعايش فيها الناس من كل الأجناس بسلام ووئام رغم اختلافاتهم التي تعتبر الأكثر تنوعا في العالم، إذ توجد في الهند مئات اللغات والأعراق والأديان والثقافات التي قلما تصطدم مع بعضها بسبب إيمان أتباعها جميعا بمبدأ التعايش والقبول بالآخر والذي تعمل به شعوب العالم أجمع.
العراقيون في كل المحافظات العراقية، ويتقدمهم أبناء الرمادي وصلاح الدين وديالى والموصل وبغداد وبابل، يتصدون الآن بكل شجاعة وبسالة للإرهاب بكل صنوفه وأشكاله وللأسف فإن الإرهابين وجد ملجأ في التلبس بأكثر شيء يعتز به الناس ألا وهو الدين لكننا نعرف أن ديننا يرفض العنف والإرهاب بكل أشكاله لذلك فإن كل من يدعو إلى العنف والإرهاب وإلغاء الآخر لا يمت لنا أو لديننا برابط وعلينا أن نرفضه دون تردد ودون حاجة لاستشارة أحد. لن نقوى وننتصر إلا بالتمسك بمبادئ السلام والتعايش والقبول بالآخر والتي يقرها ديننا وثقافتنا. التنظيمات الإرهابية الطارئة على مجتمعاتنا سوف تنتهي ولن يبقى سوى محبي الحياة الخيرين المسالمين (فأما الزبد فيذهب جُفاء وأما ينفع الناس فيمكث في الأرض).