2003 – 3 – 15
ألقي الكاتب والإعلامي العراقي حميد الكفائي محاضرة حول العراق في كلية داروين للدراسات العليا في جامعة كامبريدج مساء الثلاثاء الحادي عشر من الشهر الحالي (11/3/2003).
وقد استعرض الكفائي تاريخ العراق القديم أولا وتطرق إلي مساهمات العراق القيمة في الحضارة الإنسانية من اكتشاف الكتابة في الوركاء إلي سن القوانين في بابل إلي تحول العراق إلي مركز علمي وسياسي وديني لملايين البشر خلال قرون عديدة. وقال (إن من مفارقات القدر أن يسود قانون الغاب في بلد القوانين ويسود الجهل في بلد العلوم، ويحكم صدام حسين بلدا تولي الحكم فيه أرقي حكماء العالم، أمثال حمورابي ونبوخذنصر وعلي بن أبي طالب (ع) وهارون الرشيد والمأمون وصلاح الدين الأيوبي). ثم تناول المحاضر التاريخ الحديث وكيف انتهي الأمر إلي الأزمة الحالية التي قال إنها أصبحت أزمة عالمية تهدد الأمن والسلام العالميين.
وقال الكفائي إن صدام اعتمد بالدرجة الأولي علي مبدأين، لتثبيت دعائم حكمه هما الإرهاب والترغيب أو الرشوة، وكما وصفها في الإنكليزية العصا والجزرة ، ولم يتردد لحظة واحدة في ارتكاب المجازر إذا ما ظن أن هناك خطرا يتهدده شخصيا أو يتهدد نظام حكمه، وهناك كثير من المصاديق لما قام به صدام في هذا المجال. فليس هناك من لا يعرف عن مجازر صدام في حلبجة والأهوار وحملة الأنفال، بالإضافة إلي القتل العشوائي للطلاب والسياسيين ورجال الدين والمفكرين والتجار وشيوخ القبائل. أما تدميره للكويت وحرقه لآبارها فقد كان (جريمة فريدة من نوعها في العصر الحديث ويجب أن لا تمر دون عقاب).
واستطرد الكفائي قائلا: (لقد كلفت سياسات صدام غير المسؤولة العراق غاليا، إذ فقد مليونا عراقي علي الأقل حياتهم حتي الآن، وخسر العراق أكثر من ثلاثمئة مليار دولار، بالإضافة إلي إحداث كارثة بيئية وإنسانية لم يسبق لها مثيل في تاريخ العراق، وتدمير البني الاقتصادية والاجتماعية للبلاد).
وتطرق الكفائي إلي المسؤولية الدولية في ما حصل للعراق وقال إن العديد من دول العالم المتقدم، خصوصا فرنسا وألمانيا وروسيا، تتحمل قدرا كبيرا من مسؤولية تدمير العراق وقتل الشعب العراقي وتشريده بسبب مساندتها لصدام وبيعها له الأسلحة النووية والطائرات الحربية (فرنسا) والأسلحة الكيمياوية (ألمانيا) والأسلحة التقليدية والقمعية (روسيا). (وقد يفسر لنا هذا سبب تهالك شيراك وشرودر وبوتين علي إبقاء صدام في السلطة واستعدادهم لتدمير وتهميش دور الأمم المتحدة في سبيل مصالحهم القصيرة الأمد).
وعند سؤال أحد الطلاب إن كان لبريطانيا والولايات المتحدة دور في مأساة العراق الحالية من خلال دعمهما لنظام صدام في السابق، قال الكفائي لا أحد ينكر أن هذين البلدين ساعدا صدام في السابق، فقد حصل ذلك علنا، وكانت سياسة دعم العراق والتعامل مع صدام معلنة، (إلا أنهما الآن يكفّران عن سيئاتهما من خلال تبنيهما قضية الشعب العراقي وسعيهما لإطاحة صدام وإقامة نظام ديمقراطي محله، وهذا موقف إنساني مسؤول، وأتمني أن يسعي الجميع من أجل هذا الهدف لأنه مسؤولية محبي السلام في كل أنحاء العالم).
وفي إجابته عن سؤال لطالب آخر إن كان هدف الولايات المتحدة من استهداف العراق هو الحصول علي النفط، قال الكاتب العراقي (لا أعتقد ذلك للحظة واحدة لأسباب عدة منها أن النفط العراقي لم ينقطع عن الأسواق كي تجيِّش الولايات المتحدة هذه الجيوش الجرارة للاستيلاء عليه، فهو يتدفق وبأسعار أقل كثيرا من سعر السوق نظرا لأعمال التهريب التي تقوم بها شبكة تهريب محترفة مرتبطة بأفراد متنفذين في العائلة الحاكمة).
وتساءل قائلا (لو كان النفط هدفا لواشنطن، فلماذا لم تستغل نفط الكويت بعد تحريرها؟ ولماذا يباع نفطُها في الأسواق بأكثر من ثلاثين دولارا للبرميل الواحد؟ ولماذا لا تبحث أمريكا عن دول نفطية أضعف من العراق كي تسيطر عليها)؟ وقال إن الهدف الحقيقي من استهداف نظام صدام حسين هو لأنه نظام إرهابي خطير لم يتردد في استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد شعبه ولم يتردد في غزو جيرانه ولا يمكن أن يأتمنه أحد، لذلك أصبحت إزالته هدفا دوليا وليس عراقيا فحسب.
AZZAMAN NEWSPAPER — Issue 1453— Date 15/3/2003
جريدة (الزمان) — العدد 1453 — التاريخ 2003 – 3 – 15