لا أحد ينكر التضحيات الجسام التي يقوم بها أبناء جيشنا وقواتنا الأمنية والحشد الشعبي الأبطال البُسلاء في الدفاع عن العراق ولا أحد يقلل منها مطلقا بل نحن جميعا مدينون للجيش والشرطة والحشد الشعبي بحريتنا وكرامتنا التي حافظنا عليها بفضل تضحياتهم وجهودهم واستعدادهم للموت دفاعا عن حياض الوطن. إلا أننا نتساءل عن السبب الذي يدفع البعض في الجيش والشرطة والحشد الشعبي إلى رفع شعارات شيعية أثناء المعارك؟
مثل هذه الشعارات تعطي انطباعا بأن المعركة مذهبية وهي ليست كذلك… إنها معركة وطنية ومعركة من أجل القيم الإنسانية وليست بين طوائف أو مذاهب إسلامية. داعش ليس تنظيما إسلاميا بل إرهابيا مهمته قتل السنة والشيعة وكل بني البشر وإخضاعهم لسلطته الرهيبة والدليل أن التنظيم بطش بالسنة الذين يدعي تمثيلهم وهناك الآن مليونا نازح سني في العراق فقط وستة ملايين أخرى في سوريا. كما إن حافظ القرآن السني المتدين الشهيد معاذ الكساسبة لم يسلم من همجيته رغم كونه أسيرا وللأسرى حقوق في كل الأعراف والقوانين الدولية. فماذا فعل مجرمو داعش بأسيرهم الكساسبة؟ أحرقوه بطريقة بشعة لا يجرؤ أي بشر على ارتكابها.
العراق الآن بحاجة إلى الوحدة الوطنية والوحدة الإسلامية لمقارعة الهمج القتلة وعلى جميع المنخرطين في الحرب على الإرهاب أن ينتبهوا لأي عمل قد يضعفهم ويحسب عليهم وقد يستخدم لضرب الوحدة الوطنية وإضعاف الجبهة الوطنية. رفع الشعارات الشيعية في المناطق السنية والمسيحية يضر كثيرا بالقضية التي نحن بصدد الدفاع عنها ألا وهي تلاحم قوى الشعب العراقي بوجه الجماعات الإرهابية.
لا أحد ينكر على أحد إيمانه أو حريته وحقه في رفع الشعارات التي يؤمن بها، ولكن هناك قضية مشتركة يمكن أن تتضرر من خلال رفع بعض الشعارات التي هي عزيزة على قلوب بعضنا. التضحية أيها الأخوة ليست فقط بالمال والنفس وإنما أيضا بأمور أخرى منها التخلي عن الأفكار والسياسات غير الملائمة للمرحلة. الشعارات يجب أن تكون وطنية ومتفقا عليها بين الجميع وليست خاصة بمذهب معين أو طائفة معينة. الشعارات الشيعية هي شيعية بينما المعركة عراقية وطنية.
لا أدري لماذا يصر بعض السياسيين والناشطين على إضفاء طابع مذهبي على نشاطاتهم الوطنية. مَذْهَبَة العمل السياسي والوطني هو الذي أضر بقضية العراق وقضايا الشيعة أو السنة أو غيرهم. يجب أن لا ننجر إلى حروب وخلافات لا داعي لها بل يجب التركيز على الأمور المهمة التي نشترك بها جميعا كعراقيين. المصلحة الوطنية أيها الاخوة تقتضي أن نتحلى بالحكمة ونعرف ما هو المفيد وما هو الضار. عندما يكون العمل مشتركا يجب أن تكون الشعارات مشتركة ومتفقا عليها.
عندما اتفق المسلمون مع المشركين وأبرموا معهم اتفاقا، فإن النبي الأكرم (ص) وقعه على أنه اتفاق بين (محمد بن عبد الله) و(سهيل بن عمرو). لم يصر النبي على أن يضع عبارة (رسول الله) أمام اسمه كما اعتاد أن يفعل. لماذا فعل ذلك؟ بالتأكيد لأن الموقف يتطلب أن تكون هناك حيادية في التعامل ولم يكن تخليا منه عن لقبه المعتاد الذي ألفه المسلمون.
المعركة الحالية هي معركة العراق ضد أعدائه ويجب ألا نرفع شعارات قد لا ترضي الشركاء لأن الذين يحاربون في هذه المعركة هم العراقيون من كل الطوائف والأديان والقوميات. في هذه المعركة يقف الأيزيدي والمسيحي والصابئي والسني والشيعي والكلداني والآشوري والعلماني والعربي والكردي والتركماني والشبكي إلى جانب بعضهم البعض، وبالتأكيد لا يمكن هؤلاء أن يتفقوا إلا على شعارات وطنية جامعة. الشعارات الخاصة بفئة معينة هي شعارات غير جامعة مهما كانت عزيزة على قلوب المؤمنين بها. الوطن يجمعنا أيها السادة وعلينا أن نُعلي كلمته وندع الشعارات الشيعية للمناسبات الشيعية في المناطق الشيعية.