الزحام والإرهاب والوقت الثمين المهدور
الهدى-تموز ٢٠١٥
هناك ساحات وتقاطعات مزدحمة دائما في بغداد والسبب هو وجود سيطرات ونقاط تفتيش وشوارع مغلقة قريبة منها وهذا هو السبب الرئيسي للزحام فيها… الإرهابيون يعرفون هذه المناطق فيستهدفونها باستمرار ويقتلون الناس الأبرياء الذين تجمعوا هناك بسبب الإجراءات الأمنية المعروفة سلفا للقاصي والداني بل أصبح العديد منها ثابتا أي معلوما للجميع بينما الإجراءات الأمنية يجب أن تكون متغيرة بحيث تباغت الذين يعملون على زعزعة الأمن. الأسئلة التي يوجهها الشرطة للسائقين والركاب تقليدية جدا ومتكررة ولا تقدم أي معلومة ولا تغير شيئا ويستغرب المرء من توجيه مثل هذه الأسئلة (لمن هذه السيارة؟ من أين أتيت وإلى أين ذاهب؟) ولا يمتلك الشرطي أو المسؤول الأمني أي وسيلة لمعرفة إن كانت الأجوبة صحيحة أم لا، إن لم يتبرع بها الجانب الآخر عن طيب خاطر!
بعض الإجراءات الأمنية التي يراد لها أن تحمي المواطنين تتسبب في قتل المزيد منهم يوميا… ويحصل هذا باستمرار وحصل أواخر رمضان وقت الفطور عندما وقعت سلسلة انفجارات في أماكن متعددة، وليس هناك ضمان بألا يحصل مثل هذا مستقبلا. نحن نحتاج لأن تكون إدارة المرور جزء من عملية حفظ الأمن ومطلعة على أسباب الخروقات الأمنية كي تعالجها بإجراءاتها ولا تتخذ القرارات لأسباب مرورية فقط. كما نأمل ألا تتخذ الجهات الأمنية قراراتها المرورية بمعزل عن مديرية المرور العامة لأنها الأعرف والأكثر قدرة على إدارة المرور في بغداد والمدن الأخرى
بقاء الكثير من الشوارع مغلقا يسبب لنا مشاكل أمنية ويخلق زحامات لا مبرر لها ويتسبب في قتل الناس الأبرياء ويهدر وقتهم ويسبب لهم أزمات نفسية وحالات مرضية ويؤخرهم عن قضاء أعمالهم بالإضافة إلى تلويث البيئة الخطير الذي يتسبب في انتشار الأمراض خصوصا الأمراض التنفسية والسرطانية، وهذه كلها أمور خطيرة يجب على الحكومة معالجتها بشكل عاجل ولم يكن هناك أي مبرر لتأجيلها طيلة هذه الفترة، في وقت تتهدد فيه أرواح الناس وممتلكاتهم وتنتهك حرياتهم وتعرقل عليهم شؤون حياتهم الأخرى. لقد أصبح الزحام سببا من أسباب تدهور الأمن ويجب أن نجد إجراءات عاجلة لتخفيفه وحفظ أرواح الناس وممتلكاتهم وأمنهم وتوفير وقتهم. إغلاق الشوارع لا يعزز الأمن بل يساهم في تدهوره وهناك حاجة ماسة لنشر الكاميرات وأجهزة الرصد في التقاطعات والأماكن العامة بدلا من نقاط التفتيش التي برهنت التجارب أنها لم تساهم مساهمة فعالة في حفظ الأمن حتى الآن.
لقد اتخذت إجراءات مرورية مهمة أخيرا مثل إغلاق شوارع التسوق، كشارع الكرادة-داخل، بوجه المركبات، وهذا الإجراء ضروري جدا لحماية المتسوقين المارة وكان يجب أن يحصل منذ زمن بعيد. الإجراء المصاحب له يجب أن يكون تهيئة أماكن لوقوف السيارات كي يتمكن المتسوقون من إيقاف سياراتهم قريبا من مراكز التسوق ثم التجول سيرا على الأقدام وهذا إجراء متبع في العديد من الدول لأسباب عملية وليس بالضرورة أمنية. أماكن الوقوف ليست صعبة الإنشاء فهي لا تستغرق وقتا طويلا لأنها مبان بسيطة من الكونكريت المسلح لحفظ السيارات بأمان ويجب أن تهتم بها مؤسسات الدولة لأنها جزء أساسي من تكوين المدينة الحديثة التي تحصر شوارع التسوق بالمارة فقط بينما تستوعب المواقف سيارات المتسوقين بشكل منظم يحفظ الأمن والوقت والأرواح والممتلكات.
الشوارع الرئيسية المغلقة (لأسباب أمنية) تسبب زحاما غير مبرر وتقدم للإرهابيين ضحاياهم بسهولة لذلك يجب أن تسارع مديرية المرور العامة إلى تخفيف الزحام أينما يوجد وهو قد يحصل أحيانا بشكل مفاجئ في بعض المناطق بسبب أحداث معينة أو حوادث أو إجراءات مؤقتة تتخذها هذه المؤسسة أو تلك.
حميد الكفائي