مجلة الهدى-آب-٢٠١٥
اعتاد الناس في البلدان المتقدمة أن يقرأوا كتابا إن أرادوا التعرف على أي شيء جديد. فلو أرادوا الذهاب لصيد الطيور مثلا، اقتنوا كتابا حول الموضوع وقرأوه كي يطلعوا على تجارب الآخرين في هذا المجال. وإن أرادوا تنظيم حديقة البيت أو معرفة الجديد في عالم الطبخ أو السباحة في البحر أو أي شيء آخر، فإن أول شيء يفعلونه هو اقتناء كتاب أو مشاهدة فلم حول الموضوع.
كما اعتادوا أن يسافروا كل عام إلى بلد مختلف من أجل التغيير والتعرف على ثقافات وأنماط حياة الشعوب الأخرى. وعندما يسافرون يطلعون على كل ما يتعلق بالسفر، من ثقافة المجتمع والملابس السائدة وغير المألوفة إلى جغرافية البلد ومناخه إلى المواقع التي تستحق الزيارة إلى نوع الفندق والمنطقة التي يسكنون فيها وطبيعة تلك المنطقة وتوفر التسهيلات السياحية فيها من مطاعم ووسائط نقل وغيرها.
لاحظت أثناء ترحالي خلال العقود الأربعة المنصرمة تنظيما مثيرا للإعجاب عند الغربيين فهم يضعون في الحسبان كافة الاحتمالات التي قد تحصل أثناء الرحلة ويضعون خططا للطوارئ المحتملة ويشترطون وجود تأمين لتغطية تكاليف العلاج إن حصل لهم طارئ صحي، أو تعويض مقتنياتهم أو أموالهم عند السرقة. وإن أخلت الشركة المنظمة بشروط الرحلة فإنهم يقدمون شكوى ضدها عند محكمة مهنية خاصة.
أتذكر أنني سافرت في رحلة نظمتها وكالة سفر قبل عشرين عاما تقريبا. وتعرفت أثناءها على عدد من السائحين. وبعد انتهاء الرحلة، اتصل بي احدهم قائلا إنه قدم شكوى على الشركة المنظِمة لأن خدمتها لم تكن بالمستوى المتوقع وشجعني على تقديم شكوى أيضا. وعندما نظرت المحكمة في الدعوى حصل صديقي على تعويض بينما لم أحصل عليه أنا والسبب أنه جلب معه الأدلة الكافية على سوء خدمات الشركة بينما لم أفعل أنا لأنه لم يكن ببالي أن أشتكي لاحقا.
لقد لاحظت خلال السنوات الأخيرة التي بدأ العراقيون فيها يسافرون إلى البلدان الأخرى أن كثيرين منهم تعوزهم ثقافة الرحلات. فهناك ما يشبه الفوضى عند البعض، إذ تجده يحجز مقاعد في الطائرة لكنه لا يطلب من شركة الطيران أن تجمعه مع عائلته في مقاعد متقاربة فيفاجأ في الطائرة أنه يجلس بعيدا عن عائلته فيضطر أن يطلب من الركاب أن يتخلوا عن مقاعدهم له، بينما كان من المتاح له أن يحجز الكترونيا ويختار المقاعد التي تلائمه قبل انطلاق الرحلة. وطالما اضطررت للتخلي عن مقعدي الذي اخترته بعناية كي أساعد على (لم شمل) عائلة.
والملاحظ أيضا أن أغلبنا يأتي بأمتعة كثيرة إلى الطائرة ما يجعل حصول الركاب على مساحة لوضع حقائبهم صعبا. هناك من يتحدث بصوت عال يزعج من يريد النوم أثناء الرحلة. هناك أيضا من لا يحترم التعليمات في ما يتعلق بربط الأحزمة والتحرك من مقاعد الطائرة حتى قبل وقوفها ما يعرضه للخطر والمساءلة. أما استعادة الحقائب فهي الأخرى مشكلة لأن معظمها يتشابه فتجد المسافرين يأخذون حقائب غيرهم دون الانتباه إلى أنها ليست لهم، وطالما سبب ذلك مصاعب كثيرة للمسافرين وخطوط الطيران. وحتى الاصطفاف للحصول على الإذن بدخول البلد أو الخروج منه يصبح مشكلة عند البعض الذين لم يعتادوا على الانتظار فتراهم يتجاوزون على أدوار من سبقهم أو يعبرون خط الانتظار ليقفوا قرب نافذة ضابط الهجرة.
بعض المسافرين يصل إلى وجهته دون معرفة كافية بثقافة البلد ولغة أهله وعاداتهم ولم يحجز مكانا للإقامة ولم يقتنِ عملة البلد فيواجه مشاكل عديدة كان يمكن تجنبها بسهولة.
السفر ممتع إن أُعد له إعدادا جيدا لكنه يصبح متعبا ومزعجا إن لم يتعرف المسافر مسبقا على متطلباته وإجراءاته.
حميد الكفائي