البرلمان رمز الحرية والكرامة الوطنية
مجلة الهدى- شباط ٢٠١٦
كثيرون يعادون مجلس النواب ويخلطون بينه وبين الحكومة متناسين أن مجلس النواب يمثل الشعب وأننا نحن الذين أتينا به إلى الوجود عبر الانتخاب المباشر لأعضائه وأن بإمكاننا أن نُخرِجهم ونضع غيرهم محلَّهم وهذا ما فعلناه خلال أربعة انتخابات جرت حتى الآن (مرتان في عام ٢٠٠٥، وثالثة في عام ٢٠١٠ ورابعة عام ٢٠١٤). وبإمكاننا أن ننتخب آخرين في انتخابنا الخامس الذي سيجري عام ٢٠١٨.
مجلس النواب هو الذي يجعلنا أحرارا وهو الذي ينظم حياتنا وهو الذي يقيد حرية الحكومة بقوانين تجعل حياتنا منظمة وهو الذي يمنع اضطهادنا والتعسف في استخدام السلطة الذي يمكن أن تمارسه أي حكومة غير مقيدة بدستور وبرلمان… مجلس النواب وجِد لصالحنا ونحن الذين أتينا به ونحن الذين نقرر مصير أعضائه عبر صناديق الإقتراع وهو الذي يجعل الحكومة تحسب الف حساب لآرائنا ولولاه لبقي الحاكم في السلطة وأورثها إلى أبنائه وأحفاده.
هناك حملة ضد مجلس النواب يقوم بها أعداء الديمقراطية وهؤلاء لا يعرفون مصلحة البلاد والعباد، وبعضهم يعمل ذلك بحسن نية. البرلمان يشرع القوانين ويقر مشاريع الحكومة ويعدلها ويراقب تنفيذها وهو غير مسؤول عن الإخفاق في تنفيذها فتلك هي مسؤولية الحكومة وحدها. النظام الديمقراطي وضع زمام المبادرة بأيدي الناس: فنحن الذين نمتلك مصائرنا بأنفسنا عبر البرلمان فكيف نفرط به؟
للأسف بعضنا لم يعتد على برلمان وهناك من لا يفهم عمله ولا يرى فائدة فيه ربما لأنه اعتاد على زعيم أوحد يصدر أوامره لينفذها الآخرون مطيعين صاغرين، وهؤلاء لديهم مشكلة حقيقية… مجلس النواب هو رمز الحرية والكرامة وصيانة الحقوق وهو المؤسسة التي تميز الشعوب الحرة عن غيرها ودونه سنتحول مرة أخرى إلى ضحايا لا حول لهم ولا قوة. والشيء نفسه ينطبق على مجالس المحافظات والأقضية والنواحي فهي الأخرى مهمة لتشكيل الحكومات المحلية ومراقبتها نيابة عن الشعب.
هناك الكثير من المبالغات في حساب تكاليف مجلس النواب. دعونا نحسبها: راتب عضو المجلس هو عشرة ملايين دينار (قبل التخفيض الأخير). عدد أعضاء مجلس النواب ٣٢٥ نائبا. وبذلك تكون الكلفة الشهرية ثلاثة مليارات وربع المليار والكلفة السنوية أقل من أربعين مليار دينار وهو مبلغ زهيد بمقاييس الدولة التي تفوق ميزانيتها مئة ترليون دينار. ومقارنة بحجم المكاسب التي يحصل عليها الشعب والدولة العراقية من مؤسسة البرلمان فإن هذا المبلغ لا يشكل أهمية تذكر لأن البرلمان يراقب إنفاق المال العام ويمنع هدره (وهذا هو واجبه فإن قصر فيه علينا ألا نلغي المؤسسة بل ننتخب الأكفأ في أداء عمله).
أما تكاليف الحماية فهذه مطلوبة لكل مسؤول في الدولة وليس فقط النواب، لأنها تتعلق بهيبة الدولة وقوتها، وما وجود أكثر من مليون شخص في الجيش والشرطة وحماية الشخصيات والمنشآت إلا لحماية الدولة ورموزها ومؤسساتها ومواطنيها. الحماية جزء من هيبة الدولة وهي كلفة يجب دفعها في كل الأزمان، حتى في زمن السلم واستتباب الأمن لأن وجودها سيكون رادعا لمن يحاول إضعاف البلد.
مجلس النواب، بغض النظر عن عدم كفاءة بعض أعضائه في أداء مهامهم، هو رمز الحرية والديمقراطية وعلينا أن نتمسك به تمسكنا بكرامتنا وكل من لديه فكرة أخرى عليه أن يراجعها.
حميد الكفائي