وداعا زهير الدجيلي…
كنت على موعد معه ذات يوم في الكويت قبل 12 عاما تقريبا. لم أكن قد التقيته من قبل بل كانت معرفتي به عبر الرسائل والمكالمات الهاتفية. كنت جالسا في بهو الفندق في السالمية بانتظار الشاعر والفنان والصحفي زهير الدجيلي الذي أعرفه جيدا ولم التقِ به.. كنت أحدق بوجوه الداخلين إلى الفندق وبين الفينة والأخرى يأتيني شخص فيلقي علي السلام واحييه بحرارة ظانا أنه زهير الدجيلي ولكن يتضح لاحقا بأنه شخص آخر.
وأخيرا دخل شخص مهيب يرتدي الزي العربي ويمشي ببطء وثقة سائرا باتجاهي. حياني بحرارة وبعد انقضاء السلام. سألته (لم اتشرف بمعرفتكم بعد؟)… فقال إنني (الشيخ) زهير الدجيلي!!! كنت انتظر شخصا بزي حديث يعكس الفن والشعر والأفكار التقدمية التي حملها زهير طوال حياته، لكن مظهره ظل تقليديا إذ بقي يرتدي الدشداشة مع اليشماغ الأحمر والعقال أو الغترة البيضاء والعقال طوال فترة وجوده في الكويت التي ربما تجاوزت الثلاثين عاما. سألته “لماذا ترتدي هذا الزي يا أبا علي”؟ فقال مازجا الجد بالهزل كعادته: إنه يخفي عيوب الجسم…
بقي زهير شابا وفنانا وكاتبا محبا للعراق والكويت طوال حياته حتى أنه أسس موقع الجيران لترسيخ العلاقة بين العراق وجيرانه… أصبحنا أنا وزهير اصدقاء قبل أن نلتقي بعدة سنين إذ كان همنا مشتركا. وفي أحيان كثيرة يتصل بي زهير في بغداد أو واشنطن أو لندن وكان يطلب مساعدة في أمر ما، ولم يطلب يوما أمرا شخصيا بل كان اهتمامه دائما بالآخرين.
أتذكر أنه طلب مني في إحدى المرات أن ادفع مبلغا بسيطا لشخص في العراق ففعلت. وظل زهير يلاحقني كي يسدد لي المبلغ وكنت دائما أرفض لأنه مبلغ زهيد وكانت مساعدة لشخص محتاج على ما أتذكر. وفي احد الأيام اتصل بي زهير عندما كنت في أمريكا طالبا عنواني كي يرسل لي شيئا في البريد… فاعطيته العنوان ظانا أنه سيرسل لي كتابا أو ديوان شعر… وبعد أيام وصلني شيكا بالملبغ الذي دفعته لأحد أصدقائه في العراق قبل عدة سنوات!
آخر لقاء لي معه كان في منتدى الإعلام العراقي الكويتي مطلع عام 2012 وتجدونه إلى جانبي في الصورة أعلاه التي نشرتها جريدة القبس لنا أنا وهو وفائق الشيخ علي ورشيد الخيون…
وزهير الدجيلي إذ يغادرنا اليوم فإنه سيبقى خالدا معنا بفنه وأدبه وذكرياته الجميلة.
حميد الكفائي
4/3/2016