ليس غريبا أن تخطئ الصحافة في نقل خبر، فهذا يحصل يوميا، وعدم الدقة يحصل احيانا بسبب غموض الأحداث وكثرة الآراء المتعلقة بها واستعجال النشر.
قد يضع بعض الصحفيين غير المهنيين أخبارا كاذبة ترضي هوى في نفوسهم أو ربما لأسباب سياسية أو تجارية أو غيرها، وهذا يمكن أن يحصل حتى في وسائل الإعلام المهنية، لكنه خطأ تسارع وسائل الإعلام المحترمة للإعتذار عنه وتحاسب من يقع فيه من صحفييها، بل قد تضطر لدفع تعويضات إن تسبب في تشويه سمعة شخص أو مجموعة أشخاص، وفي نهاية المطاف فإن إدارة الجريدة أو القناة أو الإذاعة أو الموقع الألِكتروني، ممثلة برئيس تحريرها أو المدير العام أو المشرف، مسؤولة عنه جملة وتفصيلا.
الخبر المسيء لزائري كربلاء الذي وضعته الشرق الأوسط خبر ملفق وهو منقول عن موقع الكتروني غير موثوق وقد نفت منظمة الصحة العالمية أن تكون لها أي علاقة به. وعلى جريدة الشرق الأوسط أن تعتذر عن هذا الخطأ الواضح الذي لا يليق بها كجريدة واسعة الإنتشار.
الزميل حمزة مصطفى صحفي وكاتب معروف بالمهنية وهو عراقي ويعرف جيدا حساسية الموضوع ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يُقْدِم على كتابة خبر يسيء إلى بلده وشعبه. إضافة إلى ذلك فقد عبر الزميل عن براءته من الخبر وناشريه وما كان يحتاج إلى ذلك فنحن نعرف أنه غير مسؤول عنه ومن المعيب أن يتهمه أحد في وقت هو ينفي علاقته به، فالنفي يجب أن يكون كافيا. لذلك ليس من الإنصاف او العدالة بشيء أن يتحمل خطأً ارتكبته إدارة الصحيفة التي يعمل فيها.
حمزة مصطفى من مثقفي العراق المرموقين وهو أرقى وأنزه وأجمل من أن يُنسب إليه شيءُ قبيحٌ كهذا ومن المعيب أن يُدرج اسمُه ضمن المسيئين لأنه لم يسئ ولا يسيء وقد استقال من عمله في الشرق الأوسط احتجاجا على نشر الخبر وماكان يحتاج إلى ذلك لأنه غير مسؤول عن كل ما ينشر في الجريدة وهذا ينطبق على كل وسائل الإعلام، فالصحفي مسؤول عما يكتبه ويعده هو فقط. معد فياض صحفي معروف أيضا وطالما خدم القضية العراقية، في أيام المعارضة للدكتاتورية وما بعدها، عبر عمله في الشرق الأوسط، ولا اعتقد بأن مهنيته ووطنيته تسمحان له أن يفعل شيئا كهذا…
ادعو السياسيين ألا يحمّلوا الموضوع أكثر مما يستحق وأن يبحثوا عن قضية أخرى يتحدثون بها وألا يستغلوا خبرا سيئا ملفقا وقعت جريدة مهمة في خطأ نشره. أعلم أن بعضهم يبحث عن المقبولية والشعبية بسبب أدائه السياسي السيء وعدم قدرته على خدمة ناخبيه خلال الفترة الماضية ولكن استغلال مثل هذه الأمور ليس حلا لمشكلته. الحل يكمن في البحث عما ينفع الناس.
كما ادعو العراقيين إلى أن يتحلوا بالحكمة وأن يزنوا الأمور حسب موازينها الحقيقية فهم أكبر من أن يهزهم خبر ملفق. الخبر هزيل أصلا ولا يمكن أن يصدق به أحد، وقد افتضح أمره وكذّبته منظمة الصحة العالمية واعتذرت عنه جريدة الشرق الأوسط على استحياء عندما نشرت بيان تكذيب منظمة الصحة العالمية له. في كل الأحوال فإن الخبر منقول عن موقع آخر ولا أحد مسؤولا عن نشره سوى إدارة صحيفة الشرق الأوسط التي عليها أن تعتذر صراحة عن خطأ واضح وغير لائق بها…
حميد الكفائي
21/11/2016