شمس لشبونة
الشمسُ تسطعُ في لشبونة
تشع ضياءً ودفئا على الأحياءِ والأشياء
والأشجارِ والنخيل
نخيلٌ في لشبونة!
(من هرَّب هذه النخلة من بلدي)؟
*****************************************
هنا في بلاد البرتوغال
بلاد البرتوقال
بلاد ألبرتو
بلاد ألبرتا
بلاد آيبيريا
كما في بلاد الإسبان واليونان،
يحترمونك لأنك عربي
ويُسْمِعونك دائما: نحن منكم ومثلكم
***************************************************
الشمس تحبُنا نحن العربَ
وتحب اليونان والإسبان
وأهلَ البرتغال
تبقى مشرقة طوالَ اليوم
ضوؤها ينير السماء
ويملأ فراغاتِ الفضاء
في الصيفِ والشتاء
يعلو قممَ الجبالِ
ويغمرُ أعماقَ الوديانِ والسهول
وينفذ إلى الحقول
يُغذِّي الأجسامَ والعقول
ويُذهِب السأمَ والخمول
**********************************************
ضوءُ الشمسِ يغمرُنا بالسعادةِ، نحن العرب
ومعنا أهل البرتغال
واليونان والإسبان،
ألسنا منهم وهم منا؟
عشنا مئات السنين دون حدود
أعطيناهم وأعطونا
علَّمناهم وعلَّمونا
لكنهم مضوا وعُدْنا
توسعوا وانحَسَرنا
تقدموا وتأخَّرنا
عبروا البحارَ واكتشفوا القارات
وأقمنا الحواجزَ والخنادقَ والحدود
***********************
لكننا لم نعجز كليا… بل اكتشفنا أيضا
اكتشفنا أن خلافاتِ الأجداد لم تُحَل بعد
وأن علينا أن نحُلَّها الآن
علينا أن نحسمَ معاركَ اجدادِنا وننتصرَ فيها
فلا خيرَ في حياةٍ لا تُسِرُ الصديق
*************************************************************
اكتشفنا أن علينا أن نعيش كما عاش أجدادُنا
فما فعلوه وقالوه يصلُح لكلِّ زمانٍ ومكان
كلُّ شيء اكتمل في القرن السابع
لقد أُغلِقت الأبوابُ وعلينا أن نعيش داخل الأسوار
حاجتُنا للعلم ومنجزاتِه تقتصر على ترسيخ القديم
التحنيط صار سهلاً بفضل العلم
وصار ممكناً أن نستخدمَ وسائلَ العصرِ لحسمِ معاركِنا القديمة
فحربُ البسوس امتدت طويلا
لماذا ننتظر أربعين عاماً ونحنُ قادرون على الحسمِ خلالَ أيام؟
العلم يخدمنا داخلَ أسوارِ المدينةِ الفاضلة
******************************************
اكتشفنا أننا قبائلُ متخاصمة، ولسنا أمةً واحدةً كما اعتقدنا
اكتشفنا أن علينا أن نتقمصَ شخصياتِ القرنِ السادسِ والسابع والثامن
فما أجملَ الحياة وأبسطَها حينئذ
اكتشفنا أن الموتَ أجدرُ بنا من الحياة لأنه (يغيظ ُالعدا)
واكتشفنا ان الموتَ الجماعي هو أقصرُ الطرقِ إلى الجنة
الجماعةُ مقدسةٌ حتى في الموت
والفردُ يحيى لأجلِ الجماعة
يا لها من اكتشافات!
ستخلصُنا من أنفسِنا وتخلِّصُ العالمَ منا
**********************************************
هل سألنا أنفسنا لماذا ننامُ ويستيقظون؟
ونهيمُ ويستقرون؟
نعربدُ ويهدأون؟
نكرهُ ويحبّون
نموتُ ويحيون؟
نتمسك بالماضي ويغادرون؟
لماذا نكره أنفسَنا؟
*********************************
(مجاهدونا) ينتحرون وسطَ المدارسِ والمساجدِ والشوارعِ
فيأخذوننا إلى الجنةِ رغم أنوفِنا
وسياسيونا يبزّون المتطرفين تشدُّقاً وتشدُّداً
فيشتدُ تصفيقُنا لهم
علماؤنا وأدباؤنا وفنّانونا ورياضيونا وزهّادنا يطمحون أن يكونوا سياسيين!
فنصفقُ لهم وننحني إجلالا
سياسيونا أصلاءٌ نجباء
كلهم فرسان
قفزوا إلينا من القرن السابع
ما أرقى فكرَ الأجدادِ وأصوبَ رأيهم
ما ألذَ طعامَهم وأجملَ زيَّهم
ما أكرم الأجداد… لم يتركونا بحاجةٍ إلى شيء
**********************************************************
شمسُ لشبونة التي تملأ الفضاء
وتشع على الأشياء
وسماؤها الزرقاء
وأرضها المعطاء
لدينا مثلها
شمسُنا تسطعُ أيضا
سماؤنا زرقاءُ أيضا
والبرتقال ينبت في أرضنا أيضا
لكننا نفتقر إلى….
ونتمسك بـ…..
ونتشدق بـ….
وننحني لـ….
ونتوقف عند…
ونحترسُ من…
ونخشى …
ونحب…..
ونكره ….
هل من يملأُ الفراغات؟
حميد الكفائي
لشبونة ٦\١٢\٢٠١٧