مناظرة عراقية في واشنطن بين ممثلي قائمتين متنافستين: خلاف على اجتثاث البعث واتفاق على استبعاد ولاية الفقيه
وتركزت نقاط الخلاف في المناظرة على عدة مسائل، بينها دعم المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني لقائمة الائتلاف، وهو الأمر الذي أكده قنبر وأنكره عليه الكفائي قائلا: إن السيستاني يدعم الانتخابات بشكل عام ولا يدعم قائمة بحد ذاتها، لأن السيستاني، في رأيه «فوق التنافس السياسي ، وسلطته الروحية تمتد إلى خارج العراق، وهو لا يتدخل في الانتخابات الباكستانية أو الهندية، أو الإيرانية ولن يتدخل في الانتخابات العراقية». ورجال الدين في رأي الكفائي «أسمى من أن يغرقوا في التنافس السياسي».
أما نقطة الخلاف الاخرى فكانت مسألة اجتثاث البعث ، حيث اعتبرها الكفائي من أخطاء المرحلة السابقة بعد تحرير العراق، قائلا إن «الكثير من العراقيين أجبروا على الانضمام إلى البعث حفاظا على مصالحهم الحياتية ، وكان يجب التفريق بين المنتمين عقائديا والمنتمين للضروة».
أما قنبر فقد أبدى رأيا مخالفا أكد فيه على أن مشكلات العراق «نابعة من عودة حزب البعث إلى تنظيم نفسه وأن البعثيين يقودون عمليات التمرد المسلح» التي تزعزع أمن العراق.
واتفق الطرفان على أن الدولة العراقية المقبلة يجب أن تكون غير دينية تمثل جميع الاثنيات والطوائف ، وشدد قنبر على أن الجلبي وعبد العزيز الحكيم ، رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق، أبلغا القيادة الإيرانية بذلك وأكدا أن ولاية الفقيه لن يكون لها وجود في الدولة العراقية.
وردا على سؤال عن رؤية المتناظرين للعلاقات العراقية مع دول الجوار بعد الانتخابات قال الكفائي إن أمن العراق سيظل الهاجس الأساسي ويجب أن تحدد العلاقة بناء على مدى احترام دول الجوار لأمن العراق واستقراره وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وأبدى قنبر من جانبه رأيا مماثلا لكنه انتقد في ذات الوقت التصريحات المتشددة، التي قال إن وزير الدفاع العراقي حازم الشعلان أدلى بها واعلن فيها ان لدى بغداد وسائل نقل الحرب إلى دمشق وطهران.
ورغم جدية موضوع الندوة إلا أنه كان جوا من المرح سادها منذ البداية ، حيث حاول مقدم الندوة إظهار حيرته لأي من الضيفين يعطي الكلمة اولا، ثم قدم حلا جاهزا، وهو أن حرف الحاء الذي يبدأ به اسم حميد الكفائي يأتي في الأبجدية بعد حرف الألف الذي يبدأ به اسم انتفاض قنبر، ولهذا تعطى الكلمة الأولى لقنبر، فما كان من الكفائي إلا أن قال «وتعطى أيضا لأكبرنا سنا»، فكاد قنبر أن يتنازل له عن الأولوية في الحديث وسط ضحكات الحاضرين.
وتحدث قنبر عن أن قائمة الائتلاف «تتضمن شخصيات عراقية ذات وزن سياسي كبير، وتمثل طيفا واسعا من الشعب العراقي، أكثريتهم من المستقلين، وليس من ممثلي الأحزاب فقط». وأضاف أن من أهم أهداف الائتلاف إيجاد اتفاقية قانونية تنظم تحرك القوات الأميركية وتحكم تصرفها داخل العراق، وتضع إطارا قانونيا لعلاقتها مع الحكومة العراقية.
ورأى قنبر أن هناك فوضى عارمة حاليا تسود العراق، وخطرة إلى درجة كبيرة بسبب تصرفات القوات الأميركية قائلا إن هذا الانتقاد نابع من الصداقة مع الأميركيين وليس من باب العداء لهم. وأكد قنبر أن قضية الأمن تأتي في مقدمة هموم الائتلاف، معربا عن اعتقاده بأن تحميل شخص يطلق عليه الزرقاوي مسؤولية ما يجري في العراق فيه إهمال لمئات الآلاف من البعثيين الذين لا يعقل أنهم يعملون تحت قيادة الزرقاوي، والشيء الأكثر صحة في رأي قنبر أن هؤلاء أعادوا تنظيم أنفسهم ويقودهم أشخاص رتبوا أمورهم في القامشلي (سورية)، وهؤلاء هم الذين يقودون الإرهاب في العراق وليس الزرقاوي. وانتقد قنبر الخطط الأمنية في العراق قائلا إنها تنفذ على أساس أميركي وليس على أساس عراقي، بالإضافة إلى وجود فساد في الحكومة ، متهما وزارة الداخلية بمساندة الإرهابيين بدلا من محاربتهم ، وأشار إلى أنه شخصيا يخشى من الشرطة العراقية ومن نقاط التفتيش التي يقيمها الحرس الوطني العراقي بقدر خشيته من الإرهابيين أنفسهم لأنهم اخترقوا أجهزة الأمن العراقية على حد قوله.
ومن جانبه تحدث حميد الكفائي عن حركة المجتمع الديمقراطي، قائلا إن من أهدافها تجاوز الفوارق المذهبية والطائفية والعرقية. كما تطرق إلى مشكلة الأمن في العراق قائلا إنها تمثل المشكلة الكبرى التي تواجه العراق اليوم ، وأشار إلى وجود أخطاء أميركية ساهمت في تفاقم المشكلة ولكن يجب عدم تناسي الأخطاء العراقية، من بينها مسألة اجتثاث البعث، حيث ان وضع البعثيين جميعا في خانة واحدة كان من ضمن الأخطاء التي ارتكبت.
وفي انتقاد مباشر لقائمة الائتلاف الموحد قال الكفائي إن هناك قوائم سياسية تستعين برموز ومراجع دينية من أجل أن تحصل على الأصوات لأنها لن تتمكن من وضع البرامج السياسية التي تقنع الشعب العراقي، وقال «إننا في قائمة حركة المجتمع الديمقراطي بإمكاننا أن نضع أيضا صور مراجع وصور علماء دين كي نجتذب الناس للتصويت لنا، ولكننا لن نفعل ذلك لأن المعركة هي معركة انتخابية سياسية، ورجال الدين هم فوق الأحزاب وفوق الخلافات السياسية» وأشار الكفائي الى أن السيستاني لم يؤيد قائمة من دون أخرى، وأن أحد وكلائه أكد له أن المرجع الشيعي يبارك كل العراقيين المتنافسين في هذه الانتخابات.
وردا على سؤال وجه أحد الحضور لانتفاض قنبر حول القواسم المشتركة التي جمعت في قائمة الائتلاف بين الإسلاميين والعلمانيين وغيرهم، قال قنبر إن هناك اتفاقا ضمنيا بين الأحزاب والشخصيات المشتركة في الائتلاف أن يكون العراق دولة يحترم فيها الإسلام ولكن لن تكون دولة دينية ، أو ليست ولاية الفقيه ، وهذا الموضوع أكد عليه الدكتور أحمد جلبي وعبد العزير الحكيم أثناء زيارتهما لإيران. وأضاف قنبر في إجابته أن استخدام مصطلح العلمانية لا ينطبق على الحالة العراقية لأن هناك أحزاب دينية لا تريد ولاية الفقيه، وهناك أحزاب دينية تريدها، والأهم من هذا هو الاتفاق على عدم تحويل العراق إلى نموذج يشبه أي دولة أخرى.
https://archive.aawsat.com/details.asp?article=278478&issueno=9550#.Xzxci-hKi1s