لقد كان عام ٢٠١٣ من أسوأ الأعوام التي مرت بي شخصيا حتى الآن فقد فقدت فيها أعز الناس وأكثرهم قربا من نفسي وأولهم كان أخي الأكبر حسن الذي غادر مبكرا وهو في الخمسينيات من عمره إثر إصابته المفاجئة بمرض عضال لم يمهله طويلا. لقد كان له فضل كبير علي واحتفظ له بذكريات جميلة من أيام الطفولة، وثانيهم صديقي العزيز الدكتور علي النميري الذي غادر هو الآخر وكان في الخمسينيات من عمره إثر حادث مؤسف في دبي…
فقدت أصدقاء وزملاء آخرين ما كان متوقعا أن يرحلوا لأنهم ما زالوا في مرحلة الشباب، بينهم الصحفية المتألقة في بي بي سي، رولا الأيوبي، ٤٠ عاما، التي تعرفت عليها في أمريكا عام ٢٠٠٧، والصحفي عبد الكريم الكاظمي، مؤسس ومحرر موقع النهرين العراقي الذي له فضل كبير في تعريف العراقيين بما كان يجري في بلادهم وكان أول موقع خبري عراقي جدي… أخيرا رحل نلسن مانديلا، وهو أكثر شخصية أعجبت وتأثرت بها في حياتي بعد عالم الاجتماع العراقي علي الوردي وعميد الادب العربي طه حسين…
ذهب عام ٢٠١٣ غير مأسوف عليه فقد كان عاما مثقلا بالأحزان والمآسي على المستوى الشخصي والوطني، فقد غيب الإرهاب أكثر من ثمانية آلاف عراقي بريء حسب احصائيات الأمم المتحدة… أما سوريا فإن ما يجري فيها يدمي قلب كل إنسان… لقد دُمِّر هذا البلد الجميل وهُجِّر الكثيرون من أهله بسبب العنف والجرائم التي ترتكبها الجماعات الإرهابية، ونتيجة لقسوة النظام الذي لم يحسن قراءة المرحلة جيدا فقد كان بإمكانه أن يطلق الحريات ويدعم القوى التقدمية بدلا من محاربة المعارضة كلها دون تفريق بين الديمقراطيين والظلاميين.
مصر التي أكن لها كل حب وهي أكثر بلد يبعث في نفسي السرور عندما أكون على أرضها، هي الأخرى تمر في مرحلة حرجة بسبب الصراع على السلطة… المصريون كانوا مثلا للتسامح في العالم العربي لكنهم الآن يسيرون على ما يبدو بنفس الطريق الذي سار به غيرهم من العرب، وهو أمر مؤلم. تونس الخضراء التي برهن شعبها على أنه أكثر الشعوب العربية تحضرا وقدرة على حل مشاكله بنفسه، هي الأخرى تمر بمرحلة معقدة، لكنني متيقن أنها قادرة على تجاوزها.
الوضع في ليبيا يقلق الجميع أيضا، فإن كان رئيس الوزراء يختطف ثم يطلق سراحه فمعنى ذلك أن هناك من هو أقوى من الحكومة… إنني حزين أيضا على ما يجري في جنوب السودان، هذا البلد الجميل الذي قضيت فيه أوقاتا ممتعة أثناء عملي في الأمم المتحدة عامي ٢٠٠٩ و٢٠١٠… إنه بلد واعد في كل شيء لكنه بحاجة إلى الاستقرار الذي لن يأتي إلا بوجود إدراة كفوءة…
آمل أن يكون العام المقبل أفضل وأن تتمكن الأجهزة الأمنية العراقية من القضاء على الإرهاب وفرض الأمن الذي طال انتظاره، وأن تتجاوز سوريا هذه المحنة التي ألمت بها وأن تحل مصر مشاكلها كي تبقى القلب السليم النابض للأمة العربية وملجأً لكل العرب ومحبي الحضارة والثقافة وأن يتمكن السودانيون في الجنوب والشمال من حل مشاكلهم بالطرق السياسية…
وعلى المستوى الشخصي، آمل أن يشهد عام ٢٠١٤ نشر عدد من الأعمال التي انتهيت منها منذ سنين، لكني تريثت في نشرها منتظرا استقرار رأيي في بعضها أو خائفا من أن تكون دون مستوى ما أطمح إليه في أخرى، وهو هاجس دائم يلاحق كل من يحترم نفسه والآخرين…
حميد الكفائي