أقام مجلس جاسم الربيعي الأدبي في بغداد أمسية ثقافية بتأريخ 16/5/2006 تناولت حياة السيد إبراهيم السيد محمد السيد عبود آلبوگفاية الذي عاش في الفترة بين 1870-1921 ميلادية. وكان السيد إبراهيم آلبوگفاية من القادة العراقيين الذين كان لهم دور فعال في مناهضة الاحتلال البريطاني بالكلمة والسلاح وبقي لسنين مطاردا من قبل قوات الاحتلال وقد جرح في إحدى المعارك وظل يعاني حتى وفاته المبكرة عام 1921.
وتحدث في الأمسية الثقافية حفيده الأستاذ مهدي عطار إبراهيم، الذي قدم للحاضرين نبذة عن حياة جده ودوره في تحرير العراق من الاحتلال البريطاني في الفترة 1914-1921.
الأستاذ مهدي عطار إبراهيم متحدثا عن سيرة جده السيد إبراهيم السيد محمد البوكفاية
وقال الأستاذ مهدي إن جده، الذي ولد في الرميثة في العام 1870، بدأ حياته موظفا في الإدارة العثمانية في النجف الأشرف وتدرج في سلم الوظائف ليصبح مديرا إداريا في جنوب العراق عند دخول قوات الاحتلال البريطاني المنطقة عام 1914، مما دفع السيد إبراهيم الكفائي إلى دعوة أبناء الجنوب للثورة ضدها واشترك بنفسه في معركة الشعيبة والمعارك التي تلتها.
واستطرد قائلا: “لقد كان نفوذ السيد إبراهيم بين القبائل في الجنوب كبيرا إذ امتثل لدعوته في محاربة الاحتلال الكثير من الشيوخ مما سبب مضايقات كبيرة للقوات الإنجليزية الغازية التي ظلت تبحث عنه من قرية إلى قرية ولم تتمكن من القبض عليه. لكنها اضطرت في النهاية إلى إصدار عفو عنه والتوصل إلى اتفاق معه لحكم المنطقة. وقد عُين السيد إبراهيم الكفائي على إثر ذلك الاتفاق نائبا للحاكم السياسي للمنطقة عام 1919″. (وهذا موثق في كتاب العشائر العراقية للدكتور عبد الجليل الطاهر، ص 88).
ثم تحدث السيد مهدي عن عشيرة السادة آلبوگفاية وقال إنهم أحفاد السيد عيسى ميتم الأشبال ابن الشهيد زيد بن علي زين العابدين (ع)، الذي عاش في المنطقة ودفن فيها ولا يزال قبره شاخصا بين مدينتي الحمزة والشنافية والذي يزوره آلاف الناس سنويا. وقال إنهم يرتبطون بوشيجة النسب مع سادة آخرين منهم آل ياسر واليواسر والأشبال وآخرين. وأضاف “أن كلمة الگفاية التي تتسمى بها العشيرة مشتقة من كلمة (الكِفَّة) الفصيحة التي تعني كل شيء دائري، وهي صفة للزورق الدائري الذي يستخدمه العراقيون في الأنهار والأهوار، ويعتبر أول واسطة نقل عرفتها البشرية، وقد خلدته الرسومات التي عثر عليها في الألواح الطينية السومرية”.
من اليمين: الشيخ فرهود الشعلان، شيخ قبيلة بني زيد، والشيخ عبد الإله فاهم الفرهود، شيخ قبيلة بني زريج، والسيد حسن السيد جابر الكفائي، حفيد السيد إبراهيم، أثناء مشاركتهم في الندوة
واختتم السيد مهدي حديثه بالقول إن السيد إبراهيم حمل الهم الوطني طيلة حياته ولم يسع لمنصب معين رغم استحقاقه الواضح بل كان مطلبه الوحيد هو أن ينال العراق استقلاله، وكان دائما يقول “إنه سيكون سعيدا بأن يعمل موظفا صغيرا في ظل”دولة مستقلة بدلا من حاكم سياسي في ظل الاحتلال. وقال إن جده توفي ببغداد في أواخر العام 1921 فجأة وكان وقتها يشغل منصب القائمقام ودفن في الروضة الكاظمية الشريفة. وأضاف أن أفراد عائلته يعتقدون أنه مات مسموما ويفسرون ذلك بعلاقته القلقة مع الإنجليز الذين كانوا يخشون نفوذه بين الناس. وفسر ذلك بالقول إنهم لم يسمحوا للسيد إبراهيم بالبقاء في منطقة واحدة أكثر من سنة إذ نقل خلال فترة سنتين من جنوب العراق إلى الخالص في ديالى ثم إلى بغداد عام 1921 حيث توفي فجأة دون أن يعاني من أي مرض.
مشاركون في الندوة من مدينة الصدر
واستشهد السيد مهدي عطار في بحثه بعدد من المصادر العراقية والأجنبية التي أوردت معلومات عن حياة السيد إبراهيم الكفائي منها كتاب “العشائر العراقية” للدكتور عبد الجليل الطاهر وكتاب “مخاطر ورحلات في الجزيرة العربية” لمؤلفه برتراند توماس وكتاب “شخصيات” لمؤلفه ويلسون. وقال إن السيد إبراهيم ارتبط بعلاقة صداقة حميمة بالسيد عبد المهدي المنتفجي، وهو والد السيد عادل عبد المهدي، نائب رئيس الجمهورية حاليا، وقد سماه أبوه “عبد المهدي” تيمنا بعلاقته مع السيد عبد المهدي المنتفجي الذي أصبح وزيرا للمعارف في العهد الملكي.
بعد ذلك تحدث الشيخ فرهود الشعلان آل سليمان الشريف، شيخ عموم قبيلة بني زيد في العراق عن علاقة جده وقبيلة بني زيد بالسيد إبراهيم الكفائي وكيف ساهمت في دعم مشروعه الوطني. وقال الشيخ الشعلان إن قبيلة بني زيد الكبيرة تحت زعامة جده الشيخ سليمان الشريف البندر، كانت خير عون للسيد إبراهيم الذي ارتبطت به بعلاقة مصاهرة، إذ تزوج السيد إبراهيم من ابنة الشيخ يونس البندر.
وقد أشار الشيخ الشعلان إلى مراسلات رسمية كثيرة بين الشيخ سليمان البندر والإدارة العثمانية ثم الإنجليزية بعدها، بينها رسالة من السيد إبراهيم الكفائي بصفته مديرا لناحية الدواية في العهد العثماني، تؤكد دوره الفعال في أحداث تلك الفترة. وفي ختام حديثه، أورد الشيخ فرهود أهزوجة قيلت بحق جده الشيخ سليمان شريف البندر.
الكاتب التراثي عادل العرداوي -في الوسط- أدار الندوة
بعد ذلك تحدث الشيخ عبد الإله فاهم الفرهود شيخ قبيلة بني زريج الكبيرة القاطنة في الرميثة والسماوة عن علاقة عائلته “آل فرهود” وعشائر “بني زريج” بالسادة آلبو گفاية وقال إنها كانت وطيدة منذ مئات السنين إذا سكنت العشيرتان في منطقة الرميثة وكان هناك تعاون وثيق بينهما. وقال إن السادة البوگفاية ساهموا دائما في حل المشاكل التي تنشأ في المنطقة وخصوصا بين أفراد عشيرة بني زريج وذلك لما يتمتعون به من نفوذ بين الناس بسبب سيرتهم الحسنة ونسبهم الشريف. وأشاد بشكل خاص بدور السيد جابر السيد علي السيد عبود الكفائي وقال إن المنطقة كلها افتقدته عندما لبى نداء ربه مبكرا عام 1994 نتيجة للتأثيرات المتراكمة لمضايقات النظام السابق له ولأبنائه الذين قتل بعضُهم واضطر البعض الآخر لمغادرة العراق خلال العقود الأربعة الماضية، كما حصل مع السيد حميد الكفائي الذي اضطر للعيش في بريطانيا ربع قرن من الزمن وعاد بعد سقوط النظام إلى بلده وأهله.
(الشيخ عبد الإله فاهم الفرهود: السادة آلبوگفاية لعبوا دورا اجتماعيا رائدا في حل مشاكل الناس في الفرات الأوسط وزرع الوئام والمحبة بينهم
ثم ألقى الشاعر داود الرحماني أبياتا جميلة من الشعر بحق السادة آلبوگفاية عموما والسيد إبراهيم الكفائي على وجه الخصوص نالت استحسان الحاضرين.
واختتمت الأمسية بكلمة للسيد حميد السيد جابر الكفائي الذي شكر مجلس جاسم الربيعي الأدبي على اهتمامه بالشخصيات الوطنية والتاريخية كما شكر الحاضرين جميعا والمتحدثين وعلى رأسهم السيد عبد المهدي عطار إبراهيم والشيخ فرهود الشعلان والشيخ عبد الإله فاهم الفرهود وأشاد بالعلاقات الوطيدة بين عائلته وقبيلتي بني زيد وبني زريج التي أثمرت أمنا واستقرارا ووئاما وثقافة في المنطقة ككل.
الشاعر داود الرحماني يلقي قصيدة في المناسبة ممتدحا دور السيد إبراهيم الكفائي وعشيرة السادة آلبوگفاية في ثورة العشرين
وقد قدم مجلس جاسم الربيعي وجبة طعام ومرطبات في نهاية الأمسية التي حضرها جمع غفير من الشيوخ والوجهاء والمثقفين بالإضافة إلى وسائل الإعلام التي أبدت اهتماما خاصا بالمناسبة وأجرتلقاءات عديدة مع أحفاد السيد إبراهيم الكفائي وباقي الشخصيات التي حضرت الأمسية. وقد أدار الأمسية الثقافية الخبير التراثي المعروف الأستاذ عادل العرداوي.
وبعد انتهاء الندوة الثقافية دعا السيد عبد الله السيد عصفور الكفائي، من وجهاء السادة البو كفاية وابن المرحوم السيد عصفور السيد صافي، شيخ عام العشيرة، الحاضرين إلى منزله حيث استمرت الأحاديث والمناقشات حتى منتصف الليل. وقد أقام السيد عبد الله وليمة عامرة لضيوفه.
السيد مازن مكية رئيس مجلس محافظة بغداد متحدثا في الندوة
اللواء المهندس عبد الله عصفور الكفائي متحدثا إلى حميد الكفائي
وقد غطى الندوة عدد من القنوات الفضائية والصحف والإذاعات بينها قنوات السومرية وبلادي وإذاعة سوا وجريدة بغداد التي يترأس القسم الثقافي فيها الأستاذ عادل العرداوي، مدير الندوة.