مجلة الهدى-أيار ٢٠١٥
لا يمكن إخفاء الضعف الذي نعاني منه اليوم في مجالات عديدة، ليس أقلها المجالات الأمنية والاقتصادية والسياسية، حتى وإن حاول بعضنا أن يقلل منه، لكن الذي يجب أن نعرفه جميعا أن هذا الضعف ليس متأصلا فينا بل هو نتيجة لسياسات انتهجها بعضنا، وهنا أقصد قادتنا السياسيين، ممن ركزوا على أمور لم تكن مهمة بينما أهملوا ما كان مهما وخطيرا. بإمكاننا أن نتجاوز ضعفنا الحالي ونهزم الإرهاب ولكن ليس دون تضحيات كبيرة.
أمنيا نحتاج إلى التركيز على إلحاق الهزيمة بالعدو وهذا يتطلب توحيد الجهود باتجاه واحد وتناسي الخلافات بل ونسيان حتى التفكير بتحقيق مكاسب حزبية وبطولات شخصية وما يمكن أن تجلبه لبعضنا من مكاسب سياسية مستقبلا. بلدنا في خطر داهم والبطل الحقيقي هو الذي يضحي بماله ونفسه ومستقبله السياسي من أجل العراق. من حق المضحين الآن أن يتوقعوا أن يحتلوا مكانة خاصة بيننا مستقبلا وسوف يأخذون هذه المكانة دون شك وسوف نوليهم الأهمية التي يستحقونها ولكن دعونا ننتصر على العدو أولا ونحقق الأمن ونستعيد بلدنا من الإرهابيين.
اقتصاديا نحتاج لأن نتفهم إجراءات التقشف التي وضعتها الحكومة وتحمل الصعوبات التي نقاسيها حاليا، بل علينا ألا نتوقع إنفاقا من الدولة حتى تنتهي الأزمة، إلا في المجالات الضرورية طبعا. يجب أن يحافظ المسؤولون قبل المواطنين على المال العام ويرشِّدوا إنفاقهم ونشاطاتهم من أجل توفير كل ما نستطيع توفيره في هذه الأيام الصعبة. كما يجب أن ندع المسؤولين في الحكومة يؤدون وظائفهم ولا نتدخل في شؤونهم في ما يتعلق بالتقشف وتقليص الخدمات فإن اضطروا إلى زيادة أسعار بعض الخدمات أو المواد التي تقدمها الدولة فعلينا أن نعلم أن هذا ضروري من اجل استمرار هذه الخدمات ونجاح الدولة على الأمد البعيد.
بالتأكيد لن تدخر الحكومة جهدا في توفير الخدمات الضرورية للمواطنين ولكن يجب أن يتفهم قادة الرأي والمجتمع المدني ورجال الدين أن الإجراءات الصارمة التي نراها تُتخذ حاليا ليست خيارات سهلة اختارتها الحكومة بمحض إرادتها وإنما هي خيارات صعبة اضطرت إليها اضطرارا.
حكومة الدكتور حيدر العبادي ما تزال جديدة وتعاني من تركة ثقيلة وهي تواجه تحديادت كبيرة لن تتمكن أن تجاوزها دون مساندة جماهير الشعب والقوى السياسية جميعا. وبغض النظر عن أي رأي سياسي مخالف أو منتقد إلا أن الواجب الاخلاقي والوطني يحتم علينا جميعا أن نقف معها حتى تتلاشى التحديات أو تتقلص.
من يحاول أن يتصيد في الماء العكر من أجل الحصول على مكاسب سياسية لن ينجح لأن العراقيين يعرفون جيدا كل التحركات السياسية التي تدور من حولهم ولم يعد خافيا عليهم ما يسعى إليه هذا السياسي أو ذاك عبر تصريحات يطلقها هنا أو إجراءات يتخذها هناك. السياسي الذي نحترمه ونحبه ونتبعه ونصوت له مستقبلا هو المستعد للتضحية بكل شيء، بما في ذلك مستقبله السياسي، من أجل البلد، وأن المكسب الحقيقي لأي سياسي هو في الوقوف مع الحكومة في هذه الأوقات الصعبة ضد الإرهاب، وفي الالتزام بكل التعليمات التي تصدرها الوزارات والدوائر والجهات الرسمية بغض النظر عن رأينا بها وإن كنا نتفق أو نختلف معها.
يجب أن نعي جميعا أن العراق كله يتعرض إلى أخطر تحدٍ في تأريخه الطويل ولن نستطيع مواجهة هذا التحدي الأخطر دون أن نعي الخطورة التي تواجهنا جيدا وندرك أنها لن تذهب دون أن نواجهها موحدين. إن لم نفعل فسوف نندم ولات ساعة مندم.
حميد الكفائي